vendredi 4 mars 2011

هل آذنت شمس إسرائيل بالغروب ؟

هل آذنت شمس إسرائيل بالغروب ؟ - Hespress
لا ريب من كون إسرائيل مقبلة على مرحلة جديدة من تاريخها تلزمها أن تكيف نفسها مع ما آل إليه وضع جيرانها الأقربين، هذا إن أرادت أن تدرأ عنها المخاطر الخارجية.
فمنذ نشأتها لم تكُف إسرائيل يوما عن إحاطة نفسها بأسباب القوة و المنعة، و لقاء هذا الغرض تلجأ إلى مبدأ "بيغن" الذي يقول بضرورة حرمان البيئة المحيطة بها من امتلاك الأسلحة الفتاكة (النووي، الجرثومي و الكيميائي)، من أجل ذلك اعتمدت إسرائيل على فكرة الضربات الإستباقية التي تمتد جذورها عميقا في الوعي الإسرائيلي لأسباب عدة: صغر المساحة الجغرافية، تزايد الكثافة السكانية (310 فرد في km²)  ، تركز المنشآت الكبرى في أماكن محددة و معلومة، زيادة على العداء التاريخي الذي تكنه لها الشعوب العربية. فمثلا ضربها للمفاعل النووي العراقي كان استباقيا بامتياز، و كذلك فعلت مع ما قيل أنه منشأة نووية سورية عام 2007 ، بل الأغرب من ذلك إشارات تدل على اقتراحها على الهند التعاون من أجل ضرب منشآت باكستان النووية في بداياتها.
كيد حركات المقاومة
استطاعت إسرائيل بعد أن أمضت اتفاقية السلام مع رائدة المنطقة العربية مصر أن تجعل مناداتها للتسوية أكثر قبولا بين العرب لأن مصر أضحت تنوب عنها حيث تعجز هي فكان لها أن زهدت منظمة التحرير الفلسطينية في السلاح بعد أن كان الفداء عنوانا لها، هذا ناهيك عن علاقاتها التجارية و السياسية السرية مع حكومات العرب كافة بما فيها البلد التي ترأس لجنة القدس.
بيد أن الأمور تقلبت في صيف 2006 حين استطاعت حركة حزب الله أن تدفع عنها غارات إسرائيل و أن تمطر سماءها بالصواريخ طيلة 33 يوما من القتال فخرجت إسرائيل من هذه الحرب بخفي حنيْن فلا هي كسرت شوكة حزب الله و لا هي أوقفت صواريخه التي بثت الرعب في مدنها، ثم بعدها بعامين أبانت حركة حماس الأخرى عن شدة بأسها و علو كعبها في القتال أسوة بحزب الله فلم تُسكِت حماس صواريخها حتى كفت إسرائيل يدها عن غزة.
مع انتهاء ذينك الحربين، شهد العالم أجمع بروز قوة  جديدة في الشرق الأوسط تمثلها المقاومة اللبنانية و الفلسطينية، هذه الأخيرة حافظت على صمودها و سيطرتها على غزة رغم الحصار مما يزيد أعدائها حنقا.
القطيعة مع تركيا
لم تكتف إسرائيل بمصابها على يد حركات المقاومة، بل تلقت أيضا لطمة ديبلوماسية و استراتيجية من حليفتها تركيا، فالديموقراطية و العافية الإقتصادية اللتان تشهدهما تركيا جعلاها تخطو خطوات لا تزلف فيها و لا تخاذل في سبيل بناء مجدها. لذا فالتدخلات الجريئة لوزيرها الأول كانت في الواقع إنذارا  لإسرائيل على تصرفات مستفزة، هذه الأخيرة آثرت المضي في حماقاتها كقصفها لأسطول الحرية في المياه الدولية الذي أوقع ضحايا أتراك، خطيئتها هذه  أصابت علاقتهما في مقتل، و الآن غدت تركيا بكل ثقلها تدافع عن قضية فلسطين بل حتى عن حماس.
لكن مهما حاولت إسرائيل التقرب من اليونان عوض تركيا فإنها خسرت أهم حلفائها في المنطقة.
تفشي الثورات العربية
غير أن ما أذهل العرب و العجم أجمعين هو هَبّة الشباب العربي ضد حكامهم في تونس و ليبيا و مصر و غيرها بعد أن استحكم عليهم الإستبداد و الفساد دهرًا طويلاً. فالعديد من التقارير الأمريكية (والغربية) تأخذ على إدارة "أوباما" عدم الإستعداد لمثل هذا الظرف، تخبط أمريكا في الأيام الأولى لثورة مصر شاهد على ذلك.
و بالمقابل، إن كان الغرب قد غفل عن إرهاصات الثورات العربية فإن مراكزًا عربية للبحوث قد حذرت منها قبل وقوعها، فقد توقع مركز الجزيرة للدراسات  قبل سبتمر 2010 أن حدثا عظيما ينتظر مصر، فقرر إعداد دراسة خاصة بالواقع المصري ليستشرف مستقبله يقودها جمع من خيرة خبراء مصر في مجالات شتى توصلت في نونبر 2010 إلى خلاصة مفادهاأن الأمور في مصر وصلت إلى  نفق مسدود و أن الشعب لم يعد يحتمل أوضاعه مما يدعو إلى  "تغيير جذري وشامل في بنية نظام الحكم" و صدقت هذه النبوءة و هنا تكمن أهمية مثل هذه المراكز.
أذكر أني قمت بتصفح موقع المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية الذي أسس حديثا فوجدت فيما وجدت نشرات شهرية تعالج مشاكل البيئة و الأزمة الإقتصادية (في نشرة فبراير 2011 ! ) و الأغرب هو كون هذه النشرات باللغة الفرنسية، فقلت لنفسي إنها موجهة لسكان باريس و ربما يتم إنشاء معهد مماثل للمغاربة قريبا ... مثل  مركز الأهرام للدراسات السياسية و الإستراتيجية الذي ينطق بلسان قومه منذ تأسيسه قبل أربعين عاما و الذي ما فتئ يصدر دراسات تهُم الأمن القومي المصري.
الظاهر أن ريح التغيير ستجوب باقي الأقطار العربية و الإسلامية غدوًا و رواحًا حتى تأتي بأنظمة حكم ديموقراطية حقيقية، و هذا عين ما تخشاهإسرائيل لعلمها يقينًا أنه إن أمكن للعرب من امتلاك أمرهم فإنهم لن يجاملوها إذا هي مضت في سياسة الإستعلاء و الظلم، و ردود تركيا الحازمة على إسرائيل ما هي إلا من حسنات هذه الديموقراطية.
هذه الموجة من الثورات أخذت الدولة َ العبرية َ على حين غرة حيث انتقدت كثيرٌ من الصحف الإسرائيلية  شح المعلومات الإستخبارية لدى إسرائيل عن الجيش المصري و كون جنودها غير مدربين على خوض حروب الصحراء في إشارة إلى صحراء سيناء هذا إذا غضضنا الطرْف عن خشيتها من انتقال العدوى إلى الضفة الغربية، و العجيب صعود اليمين المتطرف في حكومتها ممّا قد يعجّل بحرب أخرى تكون نتائجها أعظم من كل ما سبق.
هذه الأحداث و غيرها تؤكد أن إسرائيل مقبلة على أيام تحتاج فيها إلى غير ما اعتادته من الإستخفاف  بالأعراف و القوانين الدولية فإن حياتها لن تستقيم طويلا  "بالتنفس الإصطناعي"، أما العرب و المسلمين فعسى أن تجمعهم أيامهم بالحرية في يوم عزّ فيه اللقاء...  

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Powered by Blogger